“سيف القدس” خارطة جديدة وارتدادات تغيّر المشهدين الفلسطيني والإسرائيلي

ما إن وضعت معركة “سيف القدس” أوزارها، حتى بدأ باحثون وسياسيون، بالحديث عن ملامح خارطة سياسية جديدة، فرضتها نتائج المعركة على المشهدين الفلسطيني والإسرائيلي.

ورأى متابعون أن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، مُني بالهزيمة الأقسى في تاريخ مواجهاته مع المقاومة، وبات شبح الأفول يتهدده بعد اتهامه في الأوساط الإسرائيلية بجر “إسرائيل” للهزيمة.

وذهب باحثون إلى أن السلطة الفلسطينية خسرت من رصيدها الوطني والشعبي؛ “مما قد يفرض قواعد تعامل جدية لصياغة برنامج وطني فلسطيني”.

خسائر نتنياهو

وأكد الكاتب السياسي أحمد الحيلة أن بنيامين نتنياهو هُزم خلال معركة سيف القدس في مواجهة الشعب الفلسطيني الثائر، ولم يستطع أن يحقق تطلعات اليمين الصهيوني في حي الشيخ جراح والمسجد الأقصى، مشيرا إلى أن العديد من الأصوات الحزبية والنخبوية بدأت تتهمه بأنه جرّ دولة الاحتلال إلى الهزيمة.

وأضاف: أمام هذا الفشل الأمني والعسكري والإعلامي الذريع والانكسار في هيبة دولة الاحتلال، أعتقد أن نتنياهو يعيش الآن أسوأ السيناريوهات، وبات أقرب إلى الغياب عن المشهد السياسي، أو تراجع حظوظه السياسية كما حدث مع سلفه رئيس وزراء الاحتلال الأسبق ايهود أولمرت الذي انتهت حياته السياسية بعد فشله وهزيمته أمام صمود المقاومة والشعب الفلسطيني في غزة أثناء العدوان الأول عام 2008، ثم دخوله السجن بتهم الفساد عام 2014.

وفي الشأن الفلسطيني، يرى الحيلة أن “الانتخابات الفلسطينية جرت خلال شهر رمضان، وأثناء أحد عشر يوماً من الصمود الأسطوري، والانتصار العظيم للمقاومة في معركة سيف القدس”.

ولفت إلى أن الالتحام الشامل للفلسطينيين في الداخل والخارج مع المقاومة، والمشاركة فيها بكل السبل المتاحة على امتداد المدن والبلدات الفلسطينية في القدس، والضفة الغربية، والمدن الفلسطينية المحتلة عام 1948، قد “حسم خيارات الشعب الفلسطيني”.

ويعتقد الحيلة أن أية مقاربة ستطرح مستقبلاً للتقارب أو الجمع بين حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” وحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، يجب أن تتم على أساس إرادة الشعب الفلسطيني وخياره الوطني وهو “المقاومة الشاملة حتى التحرير والعودة”.

وتابع: “هذا يستوجب سحب الاعتراف بالاحتلال والتحلل من التزامات اتفاقيات أوسلو، ووقف التنسيق والتخابر الأمني مع الاحتلال الصهيوني، ثم البدء بترتيب البيت الفلسطيني من الأعلى وليس من الأسفل، بمعنى البدء بتشكيل القيادة الوطنية العليا أولاً”.

الشعب يختار المقاومة

بدوره، أشار الباحث في الشؤون الدولية والاستراتيجية خالد هنية أن الادارة الامريكية حريصة على بقاء السلطة الفلسطينية بوضعها الحالي وبمكانتها، وتثبيتها كأمر واقع؛ لأنها تشكل عنصر مهم في استتباب الأمن في الضفة المحتلة، لمنع فصائل لمقاومة لاسيما حركة “حماس “من قيادة المشروع الوطني الفلسطيني في الضفة، باتجاهات غير اتجاه سياسة التنسيق الأمني والنظام السياسي الحالي.

وعن إمكانية إعادة الحديث عن الانتخابات الفلسطينية، أكد هنية أن المرحلة القادمة ستدفع “حماس” إلى تحديد موعد الانتخابات وإعادة التفاعل في البرنامج الوطني الفلسطيني، وبناء مؤسسات السلطة الفلسطينية، وربما تذهب الى انتخابات بقوة الشارع الذي صوت للمقاومة واستفتي على برنامج المقاومة في الاسبوعين الماضيين، في حال حاولت السلطة التهرب من الانتخابات”.

مرحلة جديدة

من جانبه، يعتقد المحلل السياسي إبراهيم المدهون أن معركة “سيف القدس” هزت الكيان الصهيوني، وهزت الحياة السياسية الإسرائيلية، وأربكت الحسابات، وربما أشعرت لأول مرة بعجز الجيش وعجز المخابرات عن تقدير الموقف، وعجز المعلومات وعجز القدرة على ضرب المقاومة الفلسطينية.

وأوضح أن الحياة السياسية الإسرائيلية مازالت تعيش فراغاً قيادياً؛ “ما يتيح لنتنياهو أن يتلاعب بالموجودين، ويستغل كل الفرص من أجل بقائه، والتخلص من بعض خصومه”.

ويعتقد المدهون أن “سيف القدس” ستؤدي الى زيادة الإرباك في الحياة السياسية الإسرائيلية، وفي تآكل المؤسسات وإحداث الفراغ القيادي.

وذهب المدهون إلى أن “سيف القدس” عززت وجود حركة “حماس” سياسيّا؛ “لأنها حظيت بإجماع شعبي ووطني، واعتبرت رأس حربة المقاومة الفلسطينية، كما أنها استطاعت أن تكون عنواناً لهذه المعركة وهذا الكفاح”.

وأشار المدهون إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية “تحاورت مع حماس بشكل غير مباشر، وهناك أصوات أوروبية الآن بضرورة الحديث مع الحركة”.

وتابع: “أعتقد أن لا أحد يستطيع القفز عن حركة حماس، وهي البوابة الرئيسية الآن للتعامل مع الحدث الفلسطيني ومع السياسة الفلسطينية؛ لأنها الأقدر على المواجهة، وهي التي لديها امتداد وتعاطف جماهيري كبير”.

ويعتقد المدهون بضرورة الحديث مع حركة “فتح”؛ لإصلاح البيت الفلسطيني، والذهاب إلى مجلس وطني فلسطيني، وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، وإدخال حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي”، في المنظمة الفلسطينية.

وقال المدهون: “يجب على فتح أن تدرك أنه انتهى الوقت الذي تحتكر فيه القرار، وتحتكر فيه التمثيل، وتحتكر فيه العنوان؛ لأن الجميع يدرك أن حماس هي جزء من الفعل السياسي الفلسطيني، فلهذا أي حوار مع حركة فتح يجب أن يبنى على آلية الشراكة الحقيقية في السياسة الفلسطينية”.

SOURCE: QUDS PRESS INTERNATIONAL NEWS AGENCY