فلسطينيو سوريا يودعون عام 2021 بمآسي الأيام الأخيرة

كان غرق قارب تهريب المهاجرين إلى أوروبا، أول أمس، من أقسى مشاهد تراجيديا فلسطينيي سوريا في آخر أيام عام 2021، وأشدها مرارة.

ليطوى بانقلاب قارب الموت قبالة سواحل اليونان، وغرق ركابه من الفلسطينيين، آخر فصل من قصة حزينة أبطالها روند العائدي، ومحمد عجاج، وأحمد محمد، وعبدالكريم إسماعيل وابنته، وآلاء وحيان صوان، ورجاء حسن، ومحمد ريان، بالإضافة لمفقودين آخرين تركوا مخيماتهم البائسة في سوريا، وقد اختطفهم البحر في طريق للهجرة من مآسي الحياة، فكيف عاش فلسطينيو سوريا بقية أيام العام؟

مخيم اليرموك.. عودة مع وقف التنفيذ

حتى الأشهر الأولى من عام 2021 كان من يقومون بسرقة منازل المهجرين غير المسكونة ومن يوصفون بـ”المعفشين”، يضعون لمساتهم الأخيرة على جراح الفلسطينيين، بسرقة ما تبقى من مقومات الحياة، بينما كان تتعالى أصوات الناشطين لمناشدة الأهالي بالاستمرار في المطالبة بالعودة للمخيم لإعادة الروح إليه.

وبعد عام كامل من الوعود، لم يتجاوز عدد العائلات التي عادت إلى المخيم أكثر من 600 عائلة في أحسن تقدير، من أصل قرابة 20 ألف عائلة كانت تقيم في المخيم، جلهم ممن يتبع أبناؤهم لأحد التشكيلات الفلسطينية هناك،ـ بينما تبعثرت بقية العائلات في ضواحي العاصمة ومخيمات الشمال السوري، فيما واصل آخرون طريقهم نحو أوربا مخاطرين بحياتهم.

المعوقات التي وضعتها محافظة دمشق دفعت العديد من أهالي المخيم لبيع عقاراتهم بأثمان بخسة، في ظل حركة نشطة ومشبوهة لسماسرة بهدف إحداث تغيير عمراني لصالح مشروع “باسيليا سيتي” الذي كان يستهدف أجزاء من المخيم.

في منتصف شهر يونيو/حزيران صدر قرار غير معلن يقضي بالسماح لأهالي المخيم العودة لمنازلهم، بعد استصدار الموافقات الأمنية ووثائق الملكية، بحسب بما أعلنت عنه حينها مسؤولة المكتب الصحفي في جبهة النضال الشعبي الفلسطيني “راما قضباشي”، إثر لقاء جمع الرئيس السوري بشار الأسد بقادة الفصائل الفلسطينية، إلا أن هذا القرار غير المعلن لم ينفذ على الأرض.

في هذه الأثناء؛ استمرت محاولات الناشطين الفلسطينيين بالتصدي لمشروع المخطط التنظيمي الجديد للمخيم، الذي أعلنت عنه محافظة دمشق في 25 يونيو/حزيران 2020، والذي كان يشكل تهديدا وجوديا لمخيم اليرموك.

ورفع أهالي المخيم أكثر من 10 آلاف اعتراض على المخطط التنظيمي الجديد، وفي الخامس من شهر سبتمر/أيلول 2020 سمحت لجنة إزالة الأنقاض في مخيم اليرموك، بدخول الأهالي للمخيم لإلقاء الأنقاض والركام من منازلهم تمهيدا للبدء بتنظيف وإزالة الركام من المخيم.

وفي الثاني عشر من نوفمبر/تشرين ثاني 2020 استقبل رئيس السلطة الفلسطينية “لجنة إزالة الأنقاض في مخيم اليرموك” في رام الله لإطلاعه على سير العمل في المخيم.

الأونروا والتحرك الخجول

رغم الأوضاع المأساوية لأهالي المخيم، إلا أن تحرك الأونروا لم يكن متناسبا مع حجم المعاناة التي يعيشها الناس، فخصصت عيادة متنقلة خاصة مع انتشار فيروس كورونا، وقدمت السلال الغذائية، التي كانت تصل أحيانا بحالة سيئة نتيجة سوء التخزين، كما حدث مع مهجري المخيم إلى منطقة يلدا عندما وجدوا مخلفات الفئران داخل السلال في شهر يناير الماضي.

وفي شهر ديسمبر/كانون ثاني بدأت الأونروا بترميم ثلاثة مراكز تابعة لها، وهي مبنى الإعاشة حيث نقلت خدماتها الطبية إليه، بالإضافة إلى ترميم مركز دعم الشباب ومدرسة الجرمق، الأمر الذي أنعش آمال الأهالي بالعودة.

وفي ظل هذه التطورات بقي مهجرو مخيم اليرموك إلى الشمال السوري خارج المشهد بشكل كامل، حيث يعتقد هؤلاء استحالة عودتهم إلى المخيم في ظل الأوضاع السياسية والأمنية القائمة في البلاد.

البحث عن كوهين

وبعيدا عن اهتمامات أهالي المخيم، كثفت روسيا تحت ضغط إسرائيلي بحثها عن رفات الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين خلال عام 2021، تمهيدا لصفقة لم يعلن عنها، والذي دفن في مخيم اليرموك بعد إعدامه عام 1965، ولم تفلح روسيا من إغلاق ملف الجاسوس الإسرائيلي.

وخلال عام 2021 وكحال مخيم اليرموك، زادت أوضاع الفلسطينيين في كافة المخيمات سوءا نتيجة انهيار الليرة السورية وتفشي البطالة وتدهور الوضع الأمني خاصة في مخيم درعا، كما لم يحدث أي تغيير في واقع الخدمات المتدهور في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا على كافة الصعد، مما دفع الكثير من الشباب في الهجرة عبر طرق التهريب نحو أوربا عبر البحر والغابات، حيث فقد العديد منهم حياتهم في سبيل بحثهم عن حياة كريمة.

ويذكر أن مخيمات سوريا هي: اليرموك، وخان الشيخ، ومخيم حمص (مخيم العائدين)، ومخيم النيرب، ومخيم حماة، ومخيم خان دنون، ومخيم درعا، ومخيم درعا (الطوارئ)، ومخيم جرمانا، ومخيم السيدة زينب، ومخيم سبينة، ومخيم الرمل، ومخيم عين التل (حندرات)، ومخيم الرمدان.

يشار إلى أن مساحة مخيم اليرموك 2.11 كيلومتر مربع (520 فدانا) في مدينة دمشق، كان موطنا لأكبر مجتمع من الفلسطينيين اللاجئين من حرب 1948، كان به مستشفيات ومدارس.

ويقع المخيم على بعد 8 كيلومترات (5.0 ميل) من وسط دمشق وداخل الحدود البلدية، إلا أنه كان خارج تلك الحدود عند تأسيسه في عام 1957.

Source: Quds Press International News Agency