مكتسبات “سيف القدس” بين محاولة إنجازها والقفز عليها

رغم إعادة معركة سيف القدس، القضية الفلسطينية إلى أولويات أجندة المجتمع الدولي، وتعرية الواقع الأخلاقي للاحتلال، وزعزعة منظومته الأمنية والمجتمعية، إلا أن الحصار مازال قائما، كما تأجلت حوارات القاهرة؛ ما خفض سقف التوقعات في تخقيق المصالحة الفلسطينية، وإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة.

من جانبه، أكد الباحث والمحلل السياسي شرحبيل الغريب أن هناك نوع من الجمود في الملف الفلسطيني وهذا يعود إلى أمرين: أحدهما متعلق بالاحتلال، والآخر متعلق بالسلطة الفلسطينية.

وأوضح الغريب في حديث لـ”قدس برس”، أن الاحتلال الاسرائيلي يحاول منذ انتهاء معركة سيف القدس، ابتزاز المقاومة الفلسطينية ومحاولة ربط ملف الجنود الأسرى بملف الإعمار وأي مسار يمكن أن يخفف الحصار على قطاع غزة، وهو ما قوبل بالرفض من المقاومة التي تصر على فصل الملفات، وعدم خلطها.

ورأى الغريب، أن السلطة تسعى لتصفير النتائج السياسية لمعركة سيف القدس أو القفز عنها، مدللا على ذلك “بالحراك السياسي للسلطة ومحاولة الالتفاف على إنجاز المقاومة، ودعواتها لتشكيل حكومة وحدة وطنية، بهدف استئناف المسار السياسي التفاوضي مع الاحتلال، والسيطرة على أموال إعادة الإعمار”.

وفي المقابل، هناك إصرار من قبل حركة المقاومة الإسلامية “حماس” والفصائل في غزة، على استثمار نتائج معركة سيف القدس، بشكل يخدم قطاع غزة بشكل أساسي، وأن الأمور تسير في هذا الاتجاه مع الجانب المصري، وفقا للمحلل السياسي.

ويتوقع الغريب أن يشهد الأسبوع المقبل، حراكًا باتجاه فكفكة هذا الجمود، مشيرا إلا أنه ليس أمام المقاومة إلا أن تفرض شروطها على الاحتلال في التفاوض “غير المباشر” كما فرضتها عسكريا في الميدان .

وحذر من أن أي تهرب أو تنصل من هذه المفاوضات ونتائجها، “سيقرب مواجهة جديدة مع المقاومة الفلسطينية”، وأضاف: “بتقديري أن الأطراف قرأت المشهد جيداً خلال 11 يوما، وهي غير معنية بأن تعود عقارب الساعة إلى الوراء”.

وأشار الغريب إلى أن السلطة الفلسطينية “وصلت إلى مرحلة من التحجر السياسي والإفلاس السياسي، فلا أوراق قوة لديها ولا تريد أن تغير وتبدل في سياستها”.

وتابع: “فقط تريد المفاوضات من أجل المفاوضات، وهذا يدل على انعدام الخيارات وارتهان سياسة السلطة الفلسطينية للاتفاقيات التي وقعت قبل 25 عاما، والتي لم تجني منها شئ لشعبنا الفلسطيني”.

وأوضح: “حركة فتح غير جاهزة لخوض مسار سياسي داخلي، ولا خوض الانتخابات”.

وشدد الغريب على ضرورة الحفاظ على العلاقات الوطنية، وأن تبقى حاضرة و”عدم قطع شعرة معاوية”، مؤكدا أن “حماس حريصة على أن تكون فتح جزء من النسيج الوطني لعلها تغير أو تبدل”.

وبيّن أهمية “إصلاح البيت الداخلي الفلسطيني والنظام السياسي ومنظمة التحرير، بعيدا عن أي حسابات، أو أي حكومات يمكن أن تفرز أي مشروع سياسي جديد في المنطقة”.

بدوره، يؤكد المحلل السياسي حسام الدجني في مقال له أن الأهداف التي تحققت من معركة سيف القدس، تشكل قاعدة انطلاق نحو تحقيق النصر الاستراتيجيجي.

وأشار إلى أن المجتمع الدولي في معظم مكوناته، لن يسمح للمقاومة بتحقيق إنجازات سياسية نتيجة عمل عسكري، وبذلك جوهر السياسة المتبعة تقوم على مبدأ حرق الوقت، وصولاً إلى إعادتنا إلى النقطة التي سبقت الحرب، وهذا على المستوى التراكمي يضعف من الروح المعنوية للشعب الفلسطيني.

كما أن حالة الانقسام البرامجي والسياسي بين “فتح” و”حماس” تعني أننا أمام معضلة حقيقية، فإن “نجح مسار سيرى الطرف الآخر في هذا النجاح تهديدا مباشرت بل وجودي له، وتبدأ عملية الإفشال”.

وأكد الدجني، أن المقاومة لن تسمح بتلاشي مؤشرات انتصار سيف القدس، وأنها تريد أن تقطف الثمرة؛ لتؤكد جدوى العمل المقاوم بكل أشكاله، وعلى رأسه العمل العسكري.

لافتا إلى أن أطرافا دولية عديدة تريد أن يتلاشى ذلك، “في تكرار لما حدث في الحروب السابقة في 2014 و 2012 وغيرها”.

وأوضح الدجني، أن أهم التعقيدات في الإنجاز السياسي من خلال عمل عسكري،هو حالة الانقسام، ونوه إلى أن الموقف الفلسطيني موحدا، و”لدينا استراتيجية موحدة ومنظمة تحرير تعبر عن الجميع، فلا يمكن لأي طرف الوقوف في طريق الإنجاز السياسي”.

وأشار إلى وجود أزمة ثقة في ظل تقاطع مصالح السطلة مع الأطراف الدولية في تبهيت أي انتصار عسكري، لأن “هذا الانتصار يعني فشل مسار التسوية وهذا ما لا يريده أبو مازن وكذلك الأطراف الدولية التي تؤمن بهذا المسار”.

ودعا الدجني إلى تكثيف الجهود، من أجل توحيد المؤسسات والذهاب إلى انتخابات من أجل تجديد القيادة، مشددا على أنه كلما تعزيزت الديمقراطية كلما تآكل أصحاب المصالح في السلطة والتي تتقاطع مع المصالح الإسرائيلية، وتفسد الحالة الوطنية الفلسطينية.

Source: Quds Press International News Agency