منع البناء في مناطق “ج” هل هو بداية فعلية لمشروع الضم ؟

اعتبر العديد من المتابعين للشأن الفلسطيني، أن قرار حكومة الاحتلال منع البناء في المناطق المصنفة (ج) بالضفة الغربية (تقع تحت سيطرة إسرائيلية كاملة) بمثابة إعلان صريح للبدء الفعلي بتطبيق خطة الضم، التي تسعى حكومة الاحتلال لتنفيذها في الضفة الغربية.

ورأى غسان دغلس مسؤل ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية (تابع للسلطة الفلسطينية)، أن “الاحتلال بإصداره قرار منع البناء في مناطق (ج)، انتقل فعلا من مرحلة العمل السري الى العلنية الوقحة، في مشروع الضم، وتكريس الاستيطان في الضفة الغربية” على حد تعبيره.

ووصف دغلس لـ “قدس برس” ما صدر مؤخرا من قرارات تتعلق بالعقوبات أو الاستيطان “بالأمر الخطير جدا، لما له من دور في رسم الواقع المستقبلي، حيث ستعمل الحكومة الإجرامية لتطبيق الأطماع الاستيطانية، والتوسع، وممارسة التهجير للسكان في كثير من المناطق”.

ولفت إلى أن حكومة الاحتلال “كثفت في الفترة الأخيرة من ممارساتها الاستيطانية، والتي تندرج ضمن خطط الضم، والمتمثلة بهدم العشرات من المنشآت، وإخطارات أخرى، بالإضافة إلى تجريب مساحات كبيرة من الشوارع المعبدة”.

وذكر بأنه سيتم التصدي لهذه الممارسات من خلال تفعيل أدوات المقاومة الشعبية.

وتابع دغلس: “يجب أن لا نستسلم، وأن نقف في وجه هذا التغول الاستيطاني الرامي إلى سلب الأراضي، وتهجير الفلسطينين، وإحلال المستوطنين”.

بدوره قال الكاتب والمتابع للشأن الإسرائيلي عصمت منصور، إن “قرار حكومة الاحتلال العقابي ضد السلطة، والذي بموجبه سيمنع البناء في المناطق المصنفة ج، هو بمثابة بدءٍ فعلي للضم، الذي لطالما حاولت حكومة الاحتلال الشروع في تنفيذه علنا”.

وشدد منصور في حديث مع “قدس برس” على أن ما تقوم به حكومة الاحتلال هو حرب شاملة سياسية وأمنية واقتصادية ضد شعبنا، ومواجهتها تحتاج إلى استراتيجية شاملة وتحت مظلة وطنية واحدة”.

وأردف: “قرارات الكابينيت (المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر) العقابية ضد السلطة بسبب توجهها الى المؤسسات الدولية، موجهة ضد الشعب، والهدف منها الضغط والابتزاز، ولا تمس المسؤولين كما أشيع في البداية”.

وختم مطالبا السلطة بإدراك أنها تواجه “خطراً وجودياً يتهدد القضية برمتها، ومرحلة الانتظار والشعارات والاستعراض الكلامي لن تنقذها”.

بدوره قال القيادي في “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” (احدى فصائل منظمة التحرير الفلسطينية) زاهر الششتري، إن “قرار الضم يتم طبخه في الضفة الغربية على نار هادئة منذ سنوات، واليوم تكشر حكومة الاحتلال عن أنيابها، وتعلن صراحة نيتها منع البناء في المناطق ج، وفي ذلك إشارة واضحة للتنفيذ العلني للضم” على حد تقديره.

ووصف الششتري في حديث مع “قدس برس” حكومة نتنياهو بأنها “الأكثر فاشية وإرهابا وعنصرية، كون برنامجها العدائي واضح بحق شعبنا الفلسطيني وأرضه”.

وتابع: “واضح أن هذه الحكومة ستنفذ برنامجها وخصوصا فيما يتعلق بالمستوطنات حسب مفهومها للبؤر غير الشرعية”.

ورأى بأن قرار منع البناء وتزامنا مع مصادرة الأراضي المستمر، سيمهد لاحقا لعودة ما يسمى بالإدارة المدنية كمقدمة للضم الرسمي لاحقا، وهذا يستدعي أن يكون هناك قرار فلسطيني بفك الارتباط عن الاحتلال، تطبيقا لقرارات المجلسين الوطني والمركزي (التابعين لمنظمة التحرير الفلسطينية).

تجدر الإشارة إلى أنه وبعد اتفاقيات “أوسلو” عام 1993، قُسمت الضفة الغربية المحتلة إلى ثلاث مناطق؛ “أ”، وتشكل 18 بالمئة من الضفة، وتخضع غالبية شؤون هذه المنطقة لسيطرة السلطة الفلسطينية.

وتشكل مناطق “ب” ما نسبته 21 بالمئة من أراضي الضفة الغربية، وتتحمل السلطة الفلسطينية مسؤولية قطاعات التعليم والصحة والاقتصاد فيها، لكن السيطرة الكاملة على الأمن الخارجي للمنطقتين “أ” و “ب” تتبع لإسرائيل، بمعنى أن لها الحق الكامل لدخول هاتين المنطقتين في أي وقت، بهدف اعتقال أو اغتيال أي مواطن فلسطيني.

وفيما يتعلق بمناطق “ج” والتي يستهدفها الاحتلال حاليا من خلال منع البناء فيها، فهي تشكل 60 بالمئة من أراضي الضفة الغربية المحتلة، وبناءً على اتفاقيات أوسلو، يجب أن تتبع هذه المنطقة لسيطرة السلطة الفلسطينية، لكن على أرض الواقع، تسيطر “إسرائيل” على جميع جوانب الحياة فيها، بما في ذلك الأمن والتخطيط العمراني والبناء.

Source: Quds Press International National News Agency