الظهور الإعلامي لـ”مشعل” على قناة العربية.. دلالات المقابلة وأبرز رسائلها

على نحو مفاجئ، أطل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية خارج فلسطين، خالد مشعل، على قناة العربية، “موجها الكثير من الرسائل، بحنكته السياسية، وإتزان خطابه، إذ تمكن من نثر الرواية الفلسطينية، بكل وضوح أمام جمهور عربي عريض”، وفق محللين تحدثوا لـ”قدس برس”.

ولئن حاول مقدم اللقاء سحب “مشعل” إلى مربع المفاضلة بين إيران وتركيا مقابل دول عربية، إلا أن “أبو الوليد”، أكد أن “الحركة على مسافة واحدة من الجميع، وأن يدها ممدودة لجميع الدول العربية، داعيا، “المملكة السعودية إلى فتح أبواب العلاقة مع حماس، والعودة إلى دور ها المعروف في دعم القضية الفلسطيينة”.

وفي حديثه لـ”قدس برس”، يعتقد مدير مركز “يبوس” للدراسات، سليمان بشارات، أن أحد مهام، خالد مشعل، كونه رئيس حركة حماس بالخارج، “الانفتاح والتواصل مع الأطياف السياسية والشعبية كافة، التي يمكن أن تشكل حاضنة للقضية الفلسطينية من جانب، ومن جانب آخر كسر أي حالة جمود سياسي مع الحركة”.

ويؤكد بشارات، أن ظهور “مشعل”، عبر شاشة العربية له دلالات سياسية، أولاها؛ “إعادة مفهوم العلاقة والرؤية ما بين النظام السياسي السعودي، الذي تمثله قناة العربية، وما بين حركة حماس كحركة مقاومة إسلامية فلسطينية”.

ويضيف: “هذا قد يعتبر تحولا ولو مرحليا في طبيعة وشكل العلاقة، وقد يكون نابعا من مجموعة متغيرات، من أهمها، إدراك السعودية بشكل واضح أن حماس فاعل أساس بالقضية الفلسطينية، وفي المقابل، حماس تدرك أن السعودية حاضنة سياسية عربية لا يمكن تجاهلها”.

والدلالة الثانية، بحسب بشارات، بأن “هناك فرقا ما بين الملاحظات على سياسية قناة العربية، تجاه القضية الفلسطينية بشكل عام، والمقاومة بشكل خاص، وبين أن تكون نافذة لتقديم الطرح السياسي الفلسطيني”.

وأضاف: “باعتقادي أن قبول مشعل للخروج عبر القناة، يأتي في إطار رفض الانغلاق على الذات أولا، وثانيا العمل على إيصال الطرح الفلسطيني وطرح المقاومة ورؤيتها تجاه القضية الفلسطينية والقضايا المتصلة بها”.

حماس والعلاقة مع السعودية

يعتقد “بشارات” أنه من المبكر الحديث عن عودة العلاقات السياسية ما بين الرياض و”حماس” لسابق عهدها في الوقت الحالي، “لكنها مؤشرات قد تسهم في إعادة هذه العلاقة وتطورها بشكل تدريجي، وهذا الأمر قد يكون مرتبطا الآن في ترتيبات إقليمية ودولية، فما نشهده من مصالحة مصرية سعودية مع قطر وتركيا، قد يدفع باتجاه ترتيبات للمشهد السياسي في الشرق الأوسط في عهد إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، تختلف عن إدارة ترمب”.

ولا يستبعد الباحث والمحلل السياسي، انفراجه في ملف المعتقلين الفلسطينيين في السجون السعودية، لكن قد تكون مرحلية وليست دفعة واحده، وقد يتم إخراجها إما من خلال البوابة القضائية وبراءة المعتقلين، أو من خلال العفو الملكي الشامل، “فقد يستغل الملك عيد الأضحى كمناسبة دينية وإعلان العفو”.

وحول الرسائل التي حاول مشعل إيصالها، أوضح بشارات أنها تتعلق ببعدين، الأول يتعلق بنهج ومنهج حركة حماس، والتأكيد على أنها حركة ذات امتداد فكري إخواني إسلامي، لكنها غير مرتبطة بقرارها وطرحها بأي من الأطراف، و”هذا منطلق مهم في عدم تخلي حماس عن نهجها الفكري الذي تقوم عليه، وترفض بذات الوقت اتهامها بتبعية قرارها لأي أحد”.

والرسالة الثانية، وفق بشارات، تتعلق بالعلاقة مع النظم السياسية العربية، حتى وإن اختلفت معها في بعض القضايا، خصوصا مسألة التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، “إلا أنها لا يعني أنها تقاطع هذه الأنظمة، وإنما تبقى على تواصل معها كما هو الحال في الحالتين المصرية والأردنية، فهناك فصل ما بين العلاقة المبنية على مصلحة القضية الفلسطينية، وما بين التدخل في الرؤى السياسية التي تتعلق بالدول نفسها”.

لماذا قناة العربية؟

من جهته، نوه الكاتب والباحث السياسي، أحمد الحيلة، في حديثه لـ”قدس برس”، أن “الإعلام مساحة مفتوحة ومهمة في صناعة الرأي العام، ومن حسن الاستثمار سياسياً وفكرياً استغلال تلك المساحة، لا سيّما إذا كانت تخاطب شريحة واسعة من الرأي العام؛ فالعربية رغم الملاحظات التي عليها إلا أنها مؤسسة حاضرة خاصة في دول الخليج العربي”.

وأضاف: “أعتقد أن حركة حماس تقصّدت الظهور على قناة العربية بشخص السيد خالد مشعل، بما يحمل من رمزية فلسطينية وعربية، لتصويب بعض المغالطات أو لتفنيد بعض الشبهات التي حاولت جهات ما بثها للتشويش على مركزية القضية الفلسطينية، وصولاً لتسويق الكيان الصهيوني كشريك محتمل لشعوب ودول المنطقة”.

وتابع: “حماس تسعى إعلامياً كما سعت سياسياً، لاسثتمار صمود الشعب الفلسطيني في معركة سيف القدس بحشد الرأي العام وتصويب بوصلته كشريك في المعركة مع الاحتلال الذي يشكل بدروه تهديداً استراتيجياً لمصالح شعوب المنطقة، ناهيك عن أن مشعل بعث بعدة رسائل لدول المنطقة ومنها المملكة العربية السعودية”.

الدول العربية عمق استراتيجي

وعن عودة علاقة “حماس” بالمملكة العربية السعودية، أشار إلى أن الحركة لم تكن معنية في يوم من الأيام بقطع العلاقة مع الرياض أو مع أية دولة عربية، بل العكس هو الصحيح، فـ”الحركة تعتبر الدول العربية عمقاً استراتيجياً ورافداً سياسياً وإعلامياً ومادياً؛ ومن هنا جاء تأكيد مشعل عبر قناة العربية على تعزيز وتطوير العلاقة مع الدول العربية والمملكة العربية السعودية”.

وأوضح أن “مشعل” حاول طمأنة الجميع، بأن الحركة ليست معنية بسياسة المحاور في إشارة للعلاقة مع إيران، مؤكداً “تمسك حماس بعلاقات متوازنة مع الجميع بدون استثناء، ففلسين بحاجة الجميع”.

وأضاف، “أعتقد أن هذه الرسالة وصلت لقيادة المملكة العربية السعودية”.

ويرجّح الحيلة، أن “الرياض ستكون معنية بإعادة النظر في موقفها من حركة حماس، خاصة بعد معركة سيف القدس التي جعلت من الحركة رقماً صعباً في المعادلة الفلسطينية من بوابة الدفاع عن القدس والمسجد الأقصى، ما وسّع دائرة التأييد الشعبي لها”.

وشدد على أنه إذا “كانت السعودية تريد أن تحافظ على مكتسباتها التاريخية في دعم القضية الفلسطينية، وأن تعزّز من دورها الإقليمي، وخاصة في معادلة الصراع العربي الصهيوني، فعليها أن تستعيد علاقاتها بحركة حماس، خاصة بعد انصراف ترمب من البيت الأبيض، وبعد فشل مسار المفاوضات وتهالك أداء السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس وفريق أوسلو”.

Source: Quds Press International News Agency

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *