الفلسطيني صالح عمر.. عائد من “مقبرة الأحياء” يروي جانباً من معاناة الأسرى

يجلس الشاب الفلسطيني صالح عمر (26 عاماً) على أريكة متواضعة وسط بيته، الواقع على أطراف مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين شرق مدينة نابلس، غير قادر على الوقوف بسبب إصابته برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي قبل أكثر من خمسة أعوام، خلال محاولته تنفيذ عملية فدائية على حاجز حوارة العسكري جنوبي المدينة.

أطلق جنود الاحتلال على عمر عدة رصاصات، أصابته في صدره وظهره وبطنه، وتركوه ينزف لنحو ساعة، لكنه تشبث بالحياة، فجرى نقله إلى مستشفى داخل الأراضي المحتلة، وبقي في غيبوبة لأكثر من 20 يوما، وما إن بدأ يستفيق حتى أخضعه الاحتلال الإسرائيلي لجلسات تحقيق داخل المستشفى، ولاحقا صدر بحقه حكم بالسجن خمس سنوات.

يقول لـ”قدس برس”: “أصبحت أعاني من شلل نصفي نتيجة إصابتي بالرصاص وإهمال علاجي، فنقلوني إلى سجن الرملة سيئ الصيت والسمعة، الذي يسمونه زورا وبهتانا مستشفى، فهو مقبرة الأحياء، من يدخله مفقود، ومن يخرج منه مولود”.

في سجن الرملة، رافق عمر عدداً من الأسرى المرضى؛ الذي استشهدوا لاحقاً بسبب الإهمال الطبي الممنهج بحقهم، يقول: “أنا شاهد على استشهاد الأسرى سامي أبو دياك، وبسام السائح، وكمال أبو وعر”.

وبيّن أن “أصعب الأوقات علينا؛ هي لحظة خروج الأسرى الشهداء في أكياس سوداء إلى ثلاجات الموتى، وليس لذويهم من أجل دفنهم بطريقة تليق بهم”.

ويواصل حديثه عن المشهد اليومي للأسرى في “مقبرة الأحياء” بالقول: “كنّا نودع بعضنا كل مساء، لأن الاحتمال الأكبر أن نستيقظ وقد فقدنا واحدا منا في أي لحظة، كما كنا نودع من يذهب إلى المستشفى فقد لا يعود، كما جرى مع الأسير الشهيد بسام السايح”.

ويضيف عمر: “السايح رحمه الله كان ينام وهو جالس، لأنه لم يكن يستطيع أن يمد جسمه، أما كمال أبو وعر فقد كان يعاني كثيرا خلال تناوله الأكل، فهناك فتحة في حلقه لإدخال الطعام، وكثيراً ما أصيب بالاختناق خلال تغذيته”.

ويتابع: “أما سامي أبو دياك؛ فبالرغم من ألمه، فقد كان يهتم بتثقيف الأسرى، ويقدم لهم جلسات وطنية”.

وتحدث عمر عن حال الأسرى المرضى، وأبرزهم: ناهض الأقرع، ومنصور موقدة، ومعتصم رداد، وخالد الشاويش، لافتا إلى أنهم يعيشون على مدار الساعة بأمعاء بلاستيكية وأكياس البراز والبول، كما أن أصوات صراخهم الناتجة عن الآلام التي يشعرون بها لا تتوقف.

وأكد أن الأسرى لا يريدون مجرد كلمات تُلقى خلال وقفات التضامن معهم، مضيفاً: “كنا نحزن جداً عندما نشاهد على شاشة تلفزيون فلسطين – وهي إحدى القنوات المسموح لنا بمتابعتها في السجن – أعداداً قليلة يشاركون في الفعاليات التضامنية التي تقام في مراكز المدن”.

ولم يكتف الاحتلال بما فعله مع عمر، فقد نغّص عليه فرحة الإفراج عنه، إذ يصف ذلك اليوم قائلاً: “أطلقوا سراحي قبل الموعد المحدد بيوم، ودون إبلاغ أهلي، أو حتى منظمة الصليب الأحمر الدولي”.

وأضاف: “حملوني في سيارة عادية، وقاموا بإلقائي على حاجز عسكري بعيد، وسرقوا عكازتي التي لا أقدر على التحرك دونها.. صرت أزحف على الأرض، وطلبت منهم العكازة، وكل جسمي صار ينزف دماً، وحاولت أن أقف فوقعت”.

مر عمال فلسطينيون من جانب صالح وساعدوه، واتصلوا على أهله الذين حضروا إلى المكان بعد ساعات ومعهم سيارة إسعاف، وجرى نقله إلى مستشفى فلسطيني في مدينة نابلس (شمال الضفة)، حيث خضع لفحوصات شاملة قبل عودته إلى بيته.

ويختم صالح بتأكيده أن الأسرى المرضى يموتون كل يوم ألف مرة، مشدداً على ضرورة “تفعيل ملفهم بأسرع وقت ممكن”.

Source: Quds Press International News Agency

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *