مخيم جباليا.. عنوان الثورة وشرارة انتفاضة الحجارة الفلسطينية 1987

على منطقة جغرافية لا تزيد مساحتها عن واحد كيلو متر مربع إلا قليلاً، يقطن حوالي 120 ألف لاجئ فلسطيني هُجّروا من قراهم وبلداتهم الأصلية عام 1948، وأقاموا مخيمًا للاجئين، أطلقوا عليه اسم مخيم جباليا.

وأوضح رئيس مركز غزة للدراسات والاستراتيجيات محمد المدهون أن “اسم المخيم اشتق من بلدة جباليا التاريخية، التي استقبل سكانها إخوانهم، ليكون لهم شأن بعد ذلك في مقارعة الاحتلال، ويحمل اسم مخيم الثورة”.

وأشار المدهون في حديث لـ”قدس برس” إلى أن “مخيم جباليا يعد أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين الثمانية في قطاع غزة”.

وأضاف أنه “في أعقاب نكبة عام 1948، استقر 35 ألف لاجئ على أراضي المخيم، معظمهم كانوا قد فروا من القرى الواقعة جنوب فلسطين”.

واستدرك بالقول إن “عدد اللاجئين تضاعف أكثر من ثلاث مرات، ليصل عدد سكان المخيم إلى نحو 120 ألف لاجئ، مسجلين في سجلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين – أونروا”.

وأردف أن “مخيم جباليا يعتبر أكثر منطقة مكتظة بالسكان على مستوى العالم، كما يعاني سكانه من ارتفاع معدلات البطالة بشكل كبير”.

وأوضح أن “قليلاً من عائلات المخيم تستطيع إعالة أنفسها، وهناك نسبة كبيرة من السكان تعتمد على المساعدات الغذائية والنقدية التي تقدمها الأونروا لهم”.

وبين أنه “يوجد في المخيم 16 مبنى مدرسيًا، يستضيف 24 مدرسة، ثمانٍ منها تعمل بنظام الفترة الواحدة، و16 أخرى تعمل بنظام الفترتين، وفيه مركزان صحيان يقدمان الخدمات الصحية الأولية لساكنيه”.

وأكد المدهون أن “سكان المخيم لا زالوا يحتفظوا بالوثاق الثبوتية لقراهم التي هجروا عنها، ويذكرونها جيدًا، رغم مرور 73 عامًا على تهجيرهم”.

واستذكر “شرارة انتفاضة الحجارة، التي اندلعت في الثامن من كانون أول/ديسمبر 1987، واستمرت ثمان سنوات، التي انطلقت من أزقة وشوارع مخيم جباليا، وقد مثلت تحولاً استراتيجيًا وتاريخيًا في مسار النضال الفلسطيني”.

بدورها، قالت الباحثة في التاريخ ناريمان خلة إن “حادثة المقطورة الشهيرة، واستشهاد أربعة عمال فلسطينيين تحت عجلات شاحنة إسرائيلية، جعلت مخيم جباليا على موعد مع اندلاع انتفاضة كبيرة، وأبناؤه وقودها”.

وأضافت خلة لـ”قدس برس” أن “الاحتلال ظن أنه سيقمع هذه الهبة في مخيم جباليا، والتي خرجت عقب تشييع العمال، إلا أنها ازادت اشتعالاً، ليرتقي في اليوم الأول أحد أبناء المخيم شهيدًا، وهو الشهيد حاتم السيسي”.

واعتبرت أن “انتفاضة الحجارة، كانت محطة مهمة في تاريخ الشعب الفلسطيني، وأعادت لقضيته الوطنية حضورها وتألقها عربيًا وإسلاميًا ودوليًا”.

وأشارت إلى أن “الانتفاضة لم تكن أولى هبات المخيم، فقد سبقها الكثير من الهبات”، مؤكدة أن “أبناء المخيم كانوا نواة الخلايا العسكرية الأولى للثورة الفلسطينية، التي كانت ذروتها في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي”.

وأردفت أن “المخيم تعرض للعديد من المجازر والتوغلات والاجتياحات، كان أبرزها ما عرف باسم عملية أيام الغضب في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2004، بمشاركة 100 دبابة إسرائيلية، وعشرات الطائرات”.

واستطردت مشيرةً إلى أن العملية “استمرت 17 يومًا، وأسفرت عن استشهاد قرابة 155 فلسطينيًا، وجرح عشرات آخرين، فيما قتل 40 جنديًا إسرائيليًا، بحسب اعتراف مصادر اسرائيلية”.

ولفتت خلة إلى أن “مخيم جباليا شهد تفكيك أول موقع عسكري إسرائيلي، حينما أعادت قوات الاحتلال الانتشار عام 1994، مع دخول السلطة الفلسطينية إلى غزة، بموجب اتفاق أوسلو، حيث كان مقر قيادة شرطة الاحتلال في وسط المخيم، أول مقر يتم تفكيكه، ويرفع العلم الفلسطيني فوقه”.

وأردفت الباحثة أن “المخيم مثّل نقطة انطلاق لعشرات العمليات الفدائية ضد المستوطنات الإسرائيلية، شمالي القطاع، مثل إيلي سنياي ونسانيت، التي اضطر الاحتلال إلى الانسحاب منها عام 2005”.

واندلعت الانتفاضة الفلسطينية الأولى أو “انتفاضة الحجارة”، يوم 8 كانون الأول/ديسمبر 1987، في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، ثمّ انتقلت إلى كل مدن وقرى ومخيّمات فلسطين.

Source: Quds Press International news Agency