تأجيل الانتخابات الفلسطينية .. رفض لقرار الاحتلال أمام خضوع له؟

خلال اجتماعه بأعضاء القيادة الفلسطينية، حاول رئيس السلطة محمود عباس إخلاء مسؤوليته من قرار تأجيل الانتخابات، وتبرير اتخاذه القرار برفض الاحتلال إجراء الانتخابات في مدينة القدس المحتلة، رغم تسرّب معلومات بأن قرار التأجيل اتخذ في اجتماع اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”، الأحد الماضي، وبناء على هذا القرارات، نشطت قيادات فتحاوية، خلال الأيام الماضية، بتهيئة الرأي العام لقبول قرار التأجيل، والتأكيد على أن “لا انتخابات دون مشاركة القدس”.

تعقيد المشهد الفلسطيني

الباحث السياسي إياد القرا، رأى أن عباس “هو فقط من يقرر متى يمكن إجراء الانتخابات وبالطريقة التي يراها مناسبة وفي الوقت المناسب، وانتزعها من النظام والقانون ومن توافق الفصائل، وذهب باتجاه تأجيل الانتخابات بهذا الشكل، وبهذه الطريقة؛ متذرعاً بأن إسرائيل لا تريد الانتخابات في القدس وأن الثوب هو ثوب وطني، ليقطع الطريق على مهاجمته من قبل الغاضبين في الفصائل والجمهور الفلسطيني”.

ويعتقد القرا، أن عباس حاول أن يمتص غضب الفصائل والشعب الفلسطيني بالإيهام، بإمكانية ان يكون هناك توافق لاحق، لكن ليس بالأفق القريب، مشيرا إلى أن ما حدث سيترك ظلالا سوداء على العلاقات الوطنية الداخلية وخاصة علاقته مع حركة المقاومة الإسلامية “حماس” بشكل أساسي.

وأوضح أن المشهد الفلسطيني أصبح أكثر تعقيدًا، وأن الفصائل ستدرس كيف ستتعاطى مع هذا القرار، وكيف ستتعامل معه ومع عباس تحديدًا”.

ويرى القرا أن من السابق لأوانه، الحديث عن تحركات بشكل أو بٱخر نحو نزع الشرعية عن محمود عباس، وأكد: “الفصائل لن تقف مكتوفة الأيدي،، وسيكون لها فعل ولعله لأول مرة منذ سنوات هناك تحرك شعبي يدعو لإقالة عباس بعد قرار نزع صناديق الانتخاب”.

وبيّن أن الفصائل الفلسطينية بما فيها حركة “حماس”، جاهزة لإجبار “إسرائيل” على السماح بالعملية الانتخابية في القدس، بينما السلطة الفلسطينية ذهبت باتجاه الاستسلام للقرار الإسرائيلي”.

وذهب القرا إلى أن قرار السلطة الفلسطينية، لا علاقة له بالقدس وإنما بحالة التشتت التي تعيشها “فتح” في العملية الانتخابية، وتخوّفها من حصول قائمتها على الترتيب الرابع في الانتخابات لو أجريت، “ما ينزع الشرعية عن الرئيس عباس، اذا ما ذهب إلى مواجهة البرغوثي في انتخابات”.

وحول إمكانية التصعيد مع الاحتلال من قبل فصائل المقاومة في غزة، يرجح القرا حصول تصعيد، لكن دون أن “تتطور إلى مواجهة شاملة”.

إمكانية إسقاط الشرعية عن عباس

من جانبه، يرى المحلل السياسي فايز أبو شمالة، أن عباس لم يترك الباب مواربا، بل أغلقه كاملا على الانتخابات، وأراد أن يقول الجواب القطعي من خلال اجتماع “ما أسماه أنه لقاء الفصائل والتنظيمات والشخصيات، الذي سيعقد اجتماعه ليقرر تأجيل الانتخابات”.

وأضاف: “الخطاب كان واضحاً يتحدث عن أن لا انتخابات في القدس، طالما اسرائيل قالت لا، ولو قالت اسرائيل نعم للانتخابات في القدس فسنمضي بها”.

وأردف: “هذا الموقف يذكرني بانتخابات عام 2006، حيث لم تعطي اسرائيل جواباً على اجراء الانتخابات في القدس إلا قبل عشرة دقائق فقط من بدء عملية التصويت، وبالتالي كان حديث محمود عباس الليلة واضحاً بتأجيل الانتخابات.

وعن المشهد الفلسطيني بعد كلمة عباس، أشار أبو شمالة أن 23 رئيس قائمة من أصل 36، يرفضون تأجيل الانتخابات.

واعتبر أن “هؤلاء هم الٱن يمثلون الشعب الفلسطيني، أو قادرون على تمثيل الشعب الفلسطيني من خلال استعداداتهم للمشاركة في الانتخابات”.

وأضاف: “أزعم أنهم قادرون على تحريك الشارع الفلسطيني بأمرين إما مواصلة العملية الانتخابية والدعاية الانتخابية تحدياً في الضفة الغربية وغزة معاً، أو قد يلجؤون إلى اجتماع تنظيمي فصائلي لاتخاذ موقف قد يتمثل بنزع الشرعية عن عباس أو بنزع الشرعية عن قرارات عباس”.

وأشار أبوشمالة إلى أن محمود عباس، استبق هذا الحديث في سياق كلامه عن دعوة لتشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة، بالتوافق مع بعض التنظيمات الفلسطينية، وحتى هذه اللحظة ما يزال الأمر غامضًا”.

وأوضح أبو شمالة أن هذا الامر جزء من تفكير القيادات الفلسطينية الرافضة لتأجيل الانتخابات، وكذلك هو جزء من تفكير الشعب الفلسطيني، لكنه يستبعد نجاح ذلك، لأن عباس يحظى بدعم الاحتلال الإسرائيلي، والأنظمة العربية، والإدارة الأمريكية.

مشيرًا إلى أن الحراك لنزع شرعية عباس، سيرسل رسائل إلى داعميه، بأنه لا يمثل الشعب الفلسطيني وأن للشعب الفلسطيني ممثلين قادرين على أن يتخذوا خطوات إصلاحية وانهاء انقسام وإعادة تشكيل الوضع الفلسطيني بما يتناسب بطموحات وأماني الشعب الفلسطيني وليس مصالح وأطماع أعدائه.

وأكد أن الشارع الفلسطيني ليس منقسماً كما يقال، “لكن هنالك فئة أو مجموعة أو تيار وفق استطلاعات الرأي قد تمثل 20%، من داخل الشارع الفلسطيني تؤيد قرارات عباس مهما كان شكل هذه القرارات، سواء كان القرار باستمرار التنسيق الأمني أو بتأجيل الانتخابات، لكن بقية الشعب الفلسطيني ضد قرارات محمود عباس الحالية والسابقة”.

وأشار إلى أن حراكا بدأ أمس، بوقفة لـ23 رئيس ومسؤول قائمة انتخابية في رام الله، قد يتطور ذلك إلى حراك ومجابهات ومظاهرات وغضب في الشوارع ولا سيما في الضفة الغربية والقدس.

وشدد على أن القدس قد تكون هي البوصلة التي تعلن رفض التأجيل، وأكد أن الإصرار على إجراء الانتخابات في القدس هو إحياء لهذه المكانة العظيمة للمدينة وتوقع أن يكون الحراك المركزي في القدس نفسها؛ رفضاً للقرار والتأكيد على حق المقدسيين في أن يكونوا جزء من الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية ،وليس جزءا من القرار الإسرائيلي الرافض لانتمائهم لوطنهم وشعبهم.

وحول تهديد حركة “حماس” بتخريب الانتخابات الاسرائيلية، إذا ما تدخل الاحتلال بمسألة الانتخابات الفلسطينية، أوضح أبو شمالة أن هذا ما تتحدث به وسائل الإعلام الإسرائيلية وأجهزة الأمن الإسرائيلية التي اتخذت كافة الاحتياطات ونصبت القبة الحديدية وأبدت استعداداتها لتطور الموقف المقاوم في قطاع غزة، رداً على تأجيل الانتخابات، وتحميل الاحتلال، المسؤولية بصفتها الراعي والمساند لمثل هذه القرارات بتأجيل الانتخابات.

ونوه إلى أن تطور الامور مناط بقرار لغرفة العمليات المشتركة، لتقر الرد المناسب، وشكل التصعيد.

Source: Quds Press International News Agency

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *