خاطر لـ”قدس برس”: هذه رؤية حماس للمشروع الوطني الفلسطيني

أكد عضو المكتب السياسي في حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، سامي خاطر، أن “التحديات والآمال التي يعيشها شعبنا الفلسطيني في ظل المقاومة، وثبات شعبنا وفصائله المقاومة، وفي مقدمتها حركة حماس، تجعلنا نقترب يوماً بعد يوم من إنجاز هدف التحرير والعودة”.

وأكد “خاطر”، في حوار مطوّل مع وكالة “قدس برس”، بمناسبة مرور ذكرى انطلاقة الحركة الرابعة والثلاثين، أن “فلسطين تعرضت لاحتلال صهيوني شرد سكانها، ولم يعترف بأي حقوق لهم، رافعًا شعار (أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض)، مما يتطلب من المشروع الوطني الفلسطيني العمل على تحرير هذه الأرض من هذا الاحتلال، بكل السبل المشروعة حتى يتم إنجاز هذا الحق، وهذا ما نص عليه ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية عندما تم إنشاؤها عام 1964”.

– المشروع الوطني الفلسطيني

وذكر أنه “رغم عدم إنجاز هدف التحرير، إلا أن قيادة منظمة التحرير أمام ضغط الواقع، وظلم المجتمع الدولي، تراجعت عن هذا الهدف، فعدلت الميثاق، ونبذت المقاومة، ورفعت شعار الدولة الفلسطينية على الأراضي المحتلة عام 67 فقط، رغم عدم استعداد العدو للانسحاب منها، ودخلت في دوامة اتفاق (أوسلو) الذي حول السلطة الفلسطينية لمجرد وظيفة تخدم الاحتلال، وحولت مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، إلى كيانات شكلية لإضفاء شرعية على سلطة أوسلو”.

وأوضح أن “حماس منذ نشأتها كانت واضحة، ومفهومها للمشروع الوطني، هو التحرر من الاحتلال بكل السبل المشروعة والممكنة، وعلى رأسها العمل العسكري، وضربت أمثلة رائعة في بسالة الشعب الفلسطيني وبطولته التي تميز بها منذ بدايات تنفيذ المشروع الصهيوني على أرضه المباركة، وأطلقت على جناحها العسكري اسم القائد الشهيد عز الدين القسام الذي جاء من سوريا للقيام بهذه المهمة الجليلة”.

وفيما يتعلق برؤية الحركة للمشروع الوطني، وطرحها السياسي للخروج من المأزق الحالي، أضاف خاطر أنه “بعيداً عن الجدل العقيم الذي كان يدور حول مفهوم المشروع الوطني سابقاً لأسباب متعددة، أساسها الرهان على المجهول لحصول شعبنا على حقه في التحرر، ولو على جزء من وطنه التاريخي، فقد تبنّت حماس طرحاً يأخذ بعين الاعتبار الوقائع القائمة على الأرض في الوقت الحاضر، وشاركت في انتخابات المجلس التشريعي 2006، لكنها جوبهت بالرفض والحصار، وإسقاط الحكومة التي ترأستها، مما أدى لأحداث 2007، وبروز الانقسام بين غزة والضفة فيما بعد”.

وتابع القول، بأن “الالتزام بالمفهوم الطبيعي للمشروع الوطني يعني أن من يرزح تحت نيران الاحتلال يجب عليه العمل لإنجاز هدف التحرير، قبل الدخول في إشكالات مفهوم الدولة، وخياراتها الفكرية في السياسة والاقتصاد والاجتماع”.

وأضاف: “الحركة لا تزال متمسكة برؤية تقوم على جملة من الأسس أهمها، أن المقاومة بمفهومها الشامل هي الاستراتيجية الأساس لإنجاز هدف التحرر والعودة، ووجود قيادة فلسطينية عليا تمثل الشعب الفلسطيني في أماكن تواجده كافة، تقوم على قاعدة الانتخابات المباشرة حيثما يكون ذلك ممكنًا، ويمكن أن تتمثل هذه القيادة العليا في منظمة التحرير الفلسطينية التي لا تزال موجودة شكلاً لا فعلاً”.

– حوارات الفصائل

واشترط أن “يتم إعادة بناء القيادة العليا على أسس ديمقراطية، تم الاتفاق على معظمها في الحوارات التي جرت بين الفصائل الفلسطينية، التي شاركت فيها حماس والجهاد الإسلامي منذ بداية حوارات القاهرة في أعوام (2003، 2005، 2011)، وحوارات بيروت 2020، ومن المفهوم طبقاً لهذا الطرح، أن القيادة الجديدة للمنظمة ليست ملزمة بكل قرارات القيادة السابقة”.

وذكر خاطر أنه “إلى أن يتم إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية على أسس جديدة، يجب تفعيل اجتماعات القيادة المؤقتة المؤلفة من القيادة الحالية للمنظمة، إضافة للأمناء العاملين للفصائل الفلسطينية، وأن تكون محكومة بسقف زمني يتم الاتفاق عليه، وتكون قراراتها بالتوافق، بجانب تطوير فكرة غرفة العمليات العسكرية القائمة في غزة، إلى آلية أوسع لإدارة وسائل مقاومة الاحتلال على كل الأراضي المحتلة، وتكون قراراتها بالتوافق”.

وتابع بأن “الأخذ بعين الاعتبار وقائع الحاضر، وتعقيدات الأوضاع الداخلية والإقليمية والدولية، يحتم وجود قيادة عليا للشعب الفلسطيني، بمعزل عن أي رؤية أو خلفية فكرية أو اجتهادات سياسية لدى هذا المكون أو ذاك”.

وخلص الى القول أن “كل ما تقدم يؤكد بما فيه الكفاية، أن حماس تقدم نفسها على أنها حركة تحرر وطني، لكن خلفيتها الفكرية بحكم نشأتها كونها حركة إسلامية، ظلت موجودة وستبقى، لأننا عرب ومسلمون، وقد نصت وثيقتها السياسية عام 2017 أنها حركة تحرر وطني بمرجعية إسلامية، ومنذ نشأتها لها مؤسساتها الخاصة، التي تدير وتقرر في كل الأمور المتعلقة بدورها كحركة تحرر وطني من الاحتلال الصهيوني”.

وأضاف: “إذا كانت بعض القوى أو الأنظمة هنا وهناك تعترض حماس بسبب جذورها الفكرية، فمنشأ ذلك في الأغلب التساوق مع مطالب دولة الاحتلال، أو الداعمة لها، وستظل حماس ككل مكونات شعوبنا العربية والإسلامية، ابنة بيئتها وإرثها الحضاري والفكري”.

– شعبية حماس

وأوضح أن “ما ساعد حماس وباقي فصائل المقاومة على القبول العربي بعد القبول الشعبي، نقطتان جوهريتان أولهما، أن فلسطين في الثقافة العربية والإسلامية، أرض عربية إسلامية، تمتاز عن غيرها بمكانتها الإسلامية، خاصة كونها أرض الأقصى والمسرى”.

وثانيهما، أن “المجموع العربي والإسلامي يدرك منذ البداية أن المشروع الصهيوني لا يستهدف أرض فلسطين، وهي الأرض المقدسة فقط، بل يستهدف حاضر ومستقبل الأمة، لأنه جاء مرتبطاً ومعتمداً على تأييد وعون الدول الأوروبية التي استعمرت الدول العربية والإسلامية، ونهبت خيراتها”.

ولفت إلى أن “حماس انطلاقًا من نشأتها كحركة تحرر وطني، تؤمن بأن قضية شعبها عربية إسلامية، وليست فلسطينية خاصة بشعبها فقط، واستفادت من تجربة بعض الفصائل، ومنها قيادة المنظمة التي انحازت أحياناً لهذا الطرف أو ذاك، وما ترتب على ذلك من خسارة فادحة”.

وأكد أن “حماس أعلنت منذ نشأتها سياستين واضحتين، أولهما أن مهمتها تحرير الوطن المحتل، والحرص على العلاقات مع العمق العربي والإسلامي، وتقدير أي جهد عربي إسلامي إيجابي لقضية شعبنا، دون الدخول في محور ضد آخر، والقبول من أي طرف عربي رسمي بما يستطيع من دعم للقضية الفلسطينية، دون الدخول معه في صراع، وعدم فتح معركة مع أحد، حتى إن أساء إليها أحيانًا، وثانيهما أن حماس تدرك أن الدول العربية تتعرض لضغوطات من قبل الدول الداعمة للاحتلال، لذلك أعلنت حصر مقاومتها للاحتلال في الأرض الفلسطينية”.

وأضاف، بأن “ما ساعد الحركة في الحفاظ على علاقاتها الرسمية مع بعض الدول العربية التي قد تكون توجهاتها مرتبطة بأجندات أخرى، هو الحرص على هذه العلاقات، والقبول بأدوار هذه الدول في بعض ملفات الصراع مع الاحتلال، طالما أن نتيجتها فيها مصلحة معتبرة لشعبنا وقضيتنا”.

وأشار بأن “تداعيات الانقسام الفلسطيني سيئة، خاصة على صعيد الصورة الذهنية لدى القوى العربية والإسلامية، التي ترى أنه لا يليق بشعب أرضه ذات قدسية خاصة، وملهم في التضحية والفداء في مقاومة المحتل، مع أننا مع وحدة الموقف الفلسطيني، وسنحافظ على كل ما يمكن التوصل إليه، لكن هذا الحرص مسقوف بوضوح الهدف الاستراتيجي لنا كحركة، ولشعبنا ككل، وهو التحرر من الاحتلال وتقرير المصير”.

وأكد أنه “مهما واجهت الحركة من صعوبات في طريق إنجاز وحدة الموقف الفلسطيني، فإنها ستواصل العمل على ذلك، ومن يُفشل هذا الجهد، خاصة على قاعدة الحفاظ على الدور الوظيفي للسلطة، يتحمل التبعات، والشعب الفلسطيني لم تعد تنطلي عليه ادعاءات السلطة وأجهزتها الأمنية، نظرًا لوجود مؤشرات على بداية تذمر القواعد الفتحاوية من مواقف قياداتها السياسية والأمنية”.

– القرار البريطاني

وأوضح أن “القرار البريطاني الأخير ضد حماس سيؤثر على بعض الأنشطة، خاصة في بريطانيا، التي تتنامى فيها الأنشطة المؤيدة لحقوق شعبنا الفلسطيني، وما شاهدناه في التفاعل مع معركة سيف القدس شاهد على ذلك، حتى في ظل صعود دور اليمين المتصهين في بريطانيا خصوصًا، وأوروبا عمومًا”.

وأشار أن “خلفية القرار البريطاني ضد حماس ربما تكون أبعد من ذلك، ولعلها تعود إلى أن الدول الداعمة للاحتلال، وتحول دون تجريم إجراءاته القمعية، يئست من تطويع الشعب الفلسطيني، ومن قدرة الاحتلال بالقضاء على المقاومة وفصائلها الفاعلة كحركة حماس، ولذلك فهي تحاول الآن استخدام سلاحها الأخير المتمثل بوقف دعم المقاومة، ووقف تنامي الموقف الشعبي في تلك الدول المؤيدة لحقوق شعبنا في التحرر من الاحتلال، بوسم فصائل المقاومة بالإرهاب، الذي فصّلوه على النحو الذي يخدم سياساتهم وأطماعهم في الهيمنة والنفوذ، خاصةً في العالم العربي والإسلامي”.

Source: Quds Press International News Agency

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *