هل تُفجّر انتهاكات الاحتلال بحق “الأسيرات” جولة صراع جديدة؟

اعتبر سياسيون ومحللون فلسطينيون، أن عملية الطعن التي نفّذها أسير فلسطيني، ضد ضابط إسرائيلي من “مصلحة” السجون، رسالة تحذير شديدة اللهجة لحكومة الاحتلال من تفجّر الأوضاع إذا ما تم المساس بالأسيرات الفلسطينيات.

والاثنين، نفّذ الأسير يوسف المبحوح من قطاع غزة، عملية طعن في سجن “نفحة” الصحراوي (جنوب فلسطين المحتلة عام 1948)، حيث أصيب خلالها ضابط إسرائيلي بجروح في وجهه.

ثورة شعبية

واعتبر القيادي في حركة المقاومة الإسلامية “حماس” مشير المصري، أن الاعتداء على الأسيرات في سجون الاحتلال “جريمة مركبة” سيدفع الاحتلال ثمنها غاليًا.

وقال المصري لـ “قدس برس”: “إن تغييب أسيراتنا في السجون، اعتداء صارخ على أعراض المسلمين، تتعاظم جريمته بالقمع والتنكيل ضدهن، وهو ما يستوجب ثورة شعبية والتحام وطني لمواجهة هذا الصلف الصهيوني والعنترية الخرقاء ضد أسيراتنا العزّل مهما كان الثمن”.

وأضاف: “على العدو أن يدرك تماماً أن المساس بأعراض المسلمين وبخاصة أسيراتنا في سجون الاحتلال، تجاوز لكل الخطوط الحمر، ويجب أن يدفع ثمنه وأن تصدح الثورة في سبيله”.

وبارك القيادي في “حماس”، عملية الطعن التي نفذها الأسير يوسف المبحوح، داخل سجن “نفحة”، مؤكدًا أنها تأتي ردًا على جرائم الاحتلال بحق الأسرى بشكل عام والأسيرات الحرائر بشكل خاص.

وقال: “إذا لم يفهم الاحتلال هذه الرسالة، فسيُجبر على فهمها من خلال الثورة التي يُصدرها شعبنا نصرة للأسرى، واستفزاز الأسرى البواسل إنما هو استفزاز لصواريخ المقاومة وأنفاقها”.

ووجه القيادي في حركة “حماس” رسالة إلى دولة الاحتلال قال فيها: “نقول للعدو الصهيوني لا تستفز شعبنا، وعليك أن تعلم أن اللعب بالنار سيواجه بالنار، وإياك أن تختبر صبرنا في أسرانا وإياك بالمساس بأسرانا وخاصة أسيراتنا”.

وشدد على أن قضية الأسرى “ستبقى في قاموس المقاومة هي أم الثوابت ورأس الأولويات والقضية التي في سبيلها نعلن الاستنفار لحماية أسرانا وفي مقدمتهم الأسيرات اللواتي يشكلن عنوان الشرف و رمز النخوة”، حسب قوله.

تفاصيل ما جرى للأسيرات

من جهته؛ استعرض رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في “هيئة شؤون الأسرى والمحررين” عبد الناصر فروانة، ما حدث مع الأسيرات الفلسطينيات، وعددهن 32،ويقبعن في سجن “الدامون” (شمال فلسطين المحتلة عام 1948).

وقال فروانة لـ “قدس برس”: “في يوم 14 كانون أول/ديسمبر الجاري، طلبت إدارة سجن (الدامون) بشكل مفاجئ من ممثلة الأسيرات بإفراغ إحدى غرف الأسيرات، مما دفع الأسيرات للرفض بسبب تأخر الوقت وسوء المناخ والبرد القارس وصعوبة إزالة محتويات الغرفة بهذه السرعة، وطلبوا تأجيل الموضوع لساعات الصباح والتفاوض مع الإدارة”.

وأضاف، “إلا أن إدارة السجن رفضت عرض الأسيرات، وأصرت وكأنها كانت تبحث عن ذريعة لقمعهن، فأقدمت في منتصف الليل على قطع التيار الكهربائي عن القسم بأكمله، وجاءت بقوة قمع كبيرة من الوحدات الخاصة التابعة للسجون، فأدركت الأسيرات خطورة الوضع وأن الهجمة مبيتة.

وأشار إلى أن “ممثلة الأسيرات بادرت بالطلب من الإدارة إرجاع وحدات القمع ومن ثم خروج الأسيرات بهدوء وبإرادتهن من الغرفة، إلا أن إدارة السجن، رفضت ذلك وقامت وحدات القمع باقتحام الغرفة والاعتداء عليهن بشكل مهين (بالسحب والجر والضرب)، وتوزيعهن على الغرف الأخرى، وكرد على هذا الاعتداء بدأن الأسيرات بالطرق على الأبواب كخطوة احتجاجية”.

وتابع: “لم تكتف ادارة السجون بذلك، وإنما عقدت محاكمات غيابية لجميع الأسيرات القابعات بالسجن، وفُرضت عليهن عقوبات بالحرمان من الزيارة والكانتينا لمدة شهر، فيما فرضت غرامات مالية بحق الاسيرات: ميسون الجبالي، ونورهان عواد وشروق دويات، وملك سلمان، ومرح باكير”.

وبيّن أن حالة التوتر والقلق ما زالت تسود المعتقل في ظل استمرار إغلاق قسم الأسيرات وفرض سلسلة من الإجراءات التنكيلية بحقهن والتي تمثلت: بمنعهن من الخروج من الغرف بشكل قطعي، وحرمانهن من الاستحمام لمدة ثلاثة أيام، ومنع مرافقة أي أسيرة لأسيرة أخرى أثناء الخروج للعيادة أو المشفى.

ورأى الخبير بشؤون الأسرى، أن “الاعتداء على الأسرى والأسيرات ينذر بانفجار الأوضاع، ليس في سجن نفحة فحسب، وإنما في كافة السجون، عنوانها حماية الأسيرات والدفاع عن شرفهن وحقوقهن”.

ونوّه إلى معلومات، وصلت “شؤون الأسرى”، أنه وعقب عملية الطعن في سجن نفحة، استقدمت إدارة السجون، قوات كبيرة من مختلف الوحدات القمعية، إضافة إلى مروحيات تحلق فوق السّجن، “ما يؤشر إلى مرحلة قادمة أكثر عنفًا وقمعًا بحق الأسرى”، وفق تقديره.

أجواء ما قبل المعركة

من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصوّاف، إن “الأجواء التي تعيشها الأراضي الفلسطينية حاليًا، تشبه الأجواء التي سبقت معركة (سيف القدس) في أيار/ مايو الماضي واشتداد الهجمة على مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك”.

وقال الصوّاف لـ “قدس برس”: “يبدو أن الاحتلال يعجل بالمواجهة مع المقاومة، ذلك واضح من خلال تصرفاته الهمجية والتي كان أخرها الاعتداء على الحرائر في معتقلات الاحتلال بالضرب وللاعتداء الجسدي حتى وصل به الأمر إلى خلع حجابهن عن رؤوسهن”.

وأشار إلى أن الاحتلال لا يريد أن يكون من يبدأ العدوان في الوقت الحالي، ويريد التهرب من الضغط الأمريكي الهادف إلى عدم إشعال معركة مع المقاومة، كون الولايات المتحدة تريد نوعًا من الهدوء في الشرق الأوسط في ظل القضايا المثارة عالميًا سواء مع الصين أو روسيا.

وبيّن أن الاحتلال في ظل هذه الأجواء العالمية وخاصة الموقف الأمريكي، يستفز المقاومة حتى يبرر عدوانه ويدعي أنه دفاع عن النفس في ظل تعرضه لهجمات من قبل المقاومة الفلسطينية.

وأضاف: “المقاومة تدرك ما يفكر به الاحتلال، ولكن لن تقف المقاومة صامته أمام ممارسات الاحتلال، ولن تنتظر العدو حتى يبدأ العدوان، ولكنها ستدافع عن أهلها وشعبها لتضع حدا لإرهابه بحقهم، وما المناورات العسكرية للفصائل الفلسطينية،إلا إنذارات للاحتلال أن المقاومة تعد نفسها جيدًا لمواجهة قادمة بدأها الاحتلال أو بدأتها المقاومة “.

واعتبر الصوّاف أن عملية الطعن في سجن نفحة ليس أمرا عابرا، بل كانت ذات أبعاد ومؤشرات تقول لإدارة السجون أن “المساس بالحرائر المعتقلات في معتقلات الاحتلال خطا أحمرا، ولا يمكن السكوت عنه، وعلى الاحتلال أن لا يتجاوز هذه الخطوط الحمر، ويواصل اعتداءاته على الأسيرات الفلسطينيات”. حسب قوله.

وأضاف متسائلًا: “إذا كانت هذه رسالة الأسير يوسف المبحوح وهو داخل المعتقلات الصهيونية، فكيف سيكون رد المقاومة خارج المعتقلات؟ أعتقد أن الأمر لن يكون سهلًا، ولن يمر مرور الكرام على القوى الفلسطينية وهي قد تشكل صاعق التفجير لمواجهة بين المقاومة والاحتلال”.

Source: Quds Press International News Agency

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *